الخميس، 9 أكتوبر 2008

كبريتٌ كبريت

"
قدمت صوفي الطعام للعصافير والسمكات, واعطت ورقة خضار لجوفيندا, وفتحت علبة لشيركان. ثم تسللت عبر العيص, الى الطريق من الجهة الاخرى.. وما ان مشت فيه لحظات حتى رأت مكتب كبيرا وسط الضباب ووراءه رجل عجوز, يبدو وكأنه يحسب شيئا. اتجهت صوفي اليه, وسألته عن اسمه, فأجابها وهو يكاد يرفع نظره اليها:

-سكرووج..
ثم عاد الى اوراقه.
-انا صوفي, هل انت رجل اعمال؟
اجابها وهو يهز رأسه موافقا:
-وانا ثري مثل قارون. ولا ابدد مليما واحدا, لذلك علي ان اركز جيدا على حساباتي.
-حسنا!
حيته صوفي بيدها, وتابعت طريقها. لكنها ما ان قطعت بضعة امتار, حتى رأت فتاة صغيرة شاحبة, ترتدي الاسمال, وتجلس على جذع شجرة باسقة. وعندما وصلت صوفي الى محاذاتها, أخرجت علبة ثقاب من كيس صغير تحمله وسألتها:
-الا تريدين ان تشتري مني؟
بحثت صوفي في جيبها عن قطعة نقود ولحسن الحظ وجدت كوروناً واحداً.
-كم ثمن العلبة؟
-كورون واحد.
اعطتها الكورون فناولتها العلبة.
-انت اول من يشتري مني شيئا منذ اكثر من مئة عام..احيانا اموت من الجوع, او أتجمد من البرد.
فكرت صوفي, بانه ليس من المستغرب الا تجد مشترين, في قلب الغابة. لكنها لم تلبث ان تذكرت الرجل العجوز, واحست بانه من غير الطبيعي ان يكون لهذا الرجل كل هذا الثراء, وتموت هذه الفتاة على بعد امتار منه, من الجوع.
-تعالي معي..
قالت صوفي وهي تمسك الفتاة من يدها وتجرها الى حيث رجل الاعمال.
-عليك ان تساعد على التخفيف من قسوة الحياة عليها
قالت صوفي بحزم.
لكنه رفع نظره عن اوراقه, واجاب مقطبا جبينه:
-هذا يكلف مالا, وانا قلت لك انني لا ابذر قرشا واحدا.
-لكنه من غير العدل ان تكون انت على هذا القدر من الثراء, في حين تكون هذه الفتاة على هذا القدر من الفقر.
-اي بله, العدالة لا توجد الا بين الناس الذين ينتمون الى عالم واحد.
-ماذا تقصد؟
-لقد بنيت نفسي بنفسي وكل عمل يستحق اجرا, اليس كذلك؟ هذا ما يسمى ((التقدم)).
-هذه الطامة الكبرى...
-اذا لم تساعدني, سأموت.
قالت الفتاة الصغيرة.
فرفع الرجل نظره مرة اخرى, وضرب المكتب بقلمه, صائحا:
-لست مذكورة تحت اي بند, في دفاتر حساباتي..اذهبي الى الجحيم.
-ان لم تساعدني سأشعل حريقا في الغابة.
نهض الرجل عن مكتبه, لكن الفتاة كانت قد اشعلت عود ثقاب ورمته, فعلا, فدبت النار في العشب اليابس.
عندها راح الرجل يلوح بذراعه ويصيح:
-النجدة ! النجدة! الحمر عائدون!
والفتاة تنظر اليه ساخرة وتقول:
-الا تعرف انني شيوعية.
"
جوستاين غاردر- رواية عالم صوفي-ص408
-----------------

كبريتٌ كبريت..كبريتٌ كبريت
من يسمعها؟
من يسمعها؟
وهي تنادي من يسمعها؟
كبريتٌ كبريت..كبريتٌ كبريت

هناك 11 تعليقًا:

Eng_Q8 يقول...

قريت اول سطرين وضاق خلقي

ذكرتني بمادة الفلسفه خذيتها بسنة 2000 على مااذكر عند د سعاد العريفان

وكرهت صوفي وكرهت الفلسفه حسبي الله عليها تمتحنك بروايه افجج بالروايه والا افجج بالبلاوي الي كنت ماخذها

بس لما قريته مره ثانيه قبل سنه طلع خوش كتاب :q

enter-q8 يقول...

يا حبك للشماته

اشلون ركبت القصة

حسبي الله على ابليسك

غير معرف يقول...

العزيز ( راعي تنكر ) ؛

شكرا لك على وضع بعض الفقرات من الكتاب في مدونتك فبرغم وجود الرواية عندي أكثر من شهرين إلا اني لم استطع قرأتها الي الان بحكم الضروف ,
والان وبعد قراءة تلك الفقرة قررت ان اخصص لها وقت لقراءتها رغم المشاغل .



تقبل مروري
مودتي واعتزازي
(ناصر )

بومريوم يقول...

شيوعى من صغرك

ZooZ "3grbgr" يقول...

الفيديو مو شي
اغنيته ازعاااج كبريييييت

عندها راح الرجل يلوح بذراعه ويصيح:
-النجدة ! النجدة! الحمر عائدون!
والفتاة تنظر اليه ساخرة وتقول:
-الا تعرف انني شيوعية.

حبيت تخيلي لنظرتها اللي تختلط فيها البراءة بالشماته وتذوق الشر لأول مرة

حياتي هدف مو عبث يقول...

يا حلات الشيوعيين الصغار :p

ام كبريت اذا تبي عند يدتي كباريت :>

مــشـعـاب يقول...

نشتري لادا ولا مانشتري :P

راعي تنكر يقول...

Eng_Q8
افا عليك بس
ما نستغنى عن الفلسفة كبشر

Enter-Q8
لوول
انت ليش مخك وصخ؟ :P

غير معرف
هذي الساعة المباركة
:)
تشرفت بمرورك

بومريوم
وصبانخ بعد :P

ZooZ "3grbgr"
أأيدج الراي عزيزتي
قادر اني اتخيل النظرة

حياتي هدف مو عبث
والشيوعيين الكبار؟
:P

مــشـعـاب
خلك على الطقاقي

Diver يقول...

في البوست الي فات و هذا ذكرتني بايام الشباب ايام اعتناق المذهب الماركسي

كانت ايام

ملاحـظـة يقول...

الله
روايه عالم صوفي
كانت روايه حلوة
تتكلم عن الفلسفه من دون تفلسف

:)

راعي تنكر يقول...

Diver
على الرحب والسعه

ملاحظة
اعتبرها مدخل جميل وتمهيد مبسط للفلسفة