ردود الافعال الاعلامية والفكرية على المستوى الدولي والمحلي حول ازمة الاقتصاد العالمي كان فيها الكثير مما يثير الاهتمام والاعجاب, رغم وجود بعض ردود الافعال التي كانت مثار سخرية. ما يستحق الاشادة به هي تلك التي تدعو الى اعادة النظر بالنظام الرأسمالي والدعوة الى تطعيمه ببعض الافكار والمبادئ الاشتراكية لتكوين اقتصاد مزدوج يجمع من كل بستان زهرة وذلك املا بتوفير اكبر قدر من الامن الاقتصادي الوطني الى جانب العمل على جعل الرأسمالية اكثر انساية من وضعها الحالي حتى يكون الاقتصاد في خدمة الانسان لا العكس. وهذا ما يتوقعه المحللون لما يمكن ان يتبع بالولايات المتحدة على غرار الحكومات الاشتراكية الديموقراطية كالدول الاسكندنافية وبريطانيا واسبانيا كمثال ناجح لهذا النظام.
ايضا اثناء هذا المساجلات الفكرية الجميلة والاختلافات المثرية نجد من لايزال متمسكا, جهالة منه اولمصلمحة له, بالنظام الرأسمالي البحت. ممكن ان اتفهم هذا الطرح قبل ان تضخ حاملة لواء الرأسمالية, الولايات المتحدة, مليارات الدولارات لدعم السوق الامريكية, او قبل ان تأمم بعض القطاعات الخاصة, ولكن الان لا يمكنني افهم من مؤيدي الرأسمالية كنظام شامل الا امرين, اما انه عناد البغال او انهم مستفيدين من هذا النظام بشكل شخصي.
في الوقت نفسه, نود ان نطرح تساؤل عن ماهية النظام الاقتصادي في الكويت, ومخطأ او جاهل من يدعي برأسماليته او اشتراكيته. فالاجابة وللاسف الشديد تثير من الحزن ما تثير. فالاقتصاد الكويتي تمت صياغته على ايدي تجار انتهازيين محترفين قد اقتبسوا من الاشتراكية والرأسمالية ما يناسبهم وما يحطم كاهل المواطن البسيط.
فالنظام الاقتصادي المعمول به حاليا في الكويت ومنذ دهر, والذي يصلح ان نسميه بالنظام الاقطاعي كأنسب تسمية ,قد اخذ مساوئ الرأسمالية والاشتراكية, على سبيل المثال لا الحصر, اشتراكي باحتكاريته وبتدخل الحكومة الدائم لدعم كبار التجار المحليين في كل صغيرة وكبيرة عن طريق الضخ الديناري او بتشريع القوانين التي تزيد من حجم خزائنهم, ناهيك عن كعكة المناقصات الكبرى التي يتم الاقتطاع منها بشكل دوري بين التجار وتوزيع الوكالات العالمية على مبدأ الاقربون اولى بالمعروف الى بضعة أسر تتوارثها جيل بعد جيل حتى يتم احتكارها والتحكم باسعارها مما ادى الى قتل الابداع والابتكار كأحد المبادئ الحسنة للرأسمالية. من الجانب الاخر نجده رأسمالي بالتسهيلات التي تقدمها الحكومة كالاعفاء عن دفع الضرائب الباهضة للمشاريع الاستهلاكية اللا انتاجية بالاضافة عدم الالتزام بتوظيف المواطنين وترك حرية الاختيارلأصحاب الشركات بين الموظف الاجنبي والموظف المحلي مما ادى الى فقدان الموظفين الكويتيين بالقطاع الخاص ابسط حقوقهم.
باختصار كبار التجار\الاقطاعيين بالكويت احتمالية خسارتهم التجارية شبه معدومة في ضل هذا النظام الاقتصادي المسخ.
النتيجة ,ماهو حاصل وبائن للكل, خدمات متردية باسعار باهضة الثمن ,وكروش التجار تزداد في تضخمها من الدنانير الممتصة من جيوب المواطن البسيط . فهل مازال كبار التجار بنظركم تجارا حقيقيين؟ بوجهة نظري صفة تاجر بعيدة كل البعد عنهم فما هم الا اقطاعيين يمتصون دماء الشعب بكل خساسة.
باعتقادي البيئة الاقتصادية النتنة بالكويت لا يحلم بها اي تاجر جشع, فلو افترضنا تطبيق نظام اقتصادي عادل في الكويت يكفل المنافسة التجارية وتوفير مبدأ تكافؤ الفرص الى جانب فتح الباب امام التاجر والمستثمر الاجنبي وغيرها من المبادئ الاقتصادية النبيلة وبرقابة حكومية متحضرة, عندها يمكنكم رؤية مشهد تساقط ما يسمى بكبار تجارالكويت الى هاوية الافلاس والخسارة في ظل سوق تنافسي حقيقي.
فكرة الخلط بين الانظمة الاقتصادية في الكويت فكرة جميلة ولكن يجب ان نضمن حقوق المواطن قبل التاجر. ما ندعو اليه حقا هو نظام يكفل حق الطبقه الوسطى و يلزم التاجر بالمنافسه و الربح من دون أن يكون للفساد و الجشع دور في زيادة ارصدته في البنوك و دون المساس بالعدالة الاجتماعية و عدم انهاك الطبقه الوسطى,بل المحافظة عليها وتوسعتها قدر الامكان. يستوجب علينا الا نمارس الرأسمالية لرأسماليتها ولا الاشتراكية لشتراكيتها, لكن يستوجب علينا ان نمزج من هذا وذاك وغيره, لتكون مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.
***
اخيرا, حفل الزار الذي يقيمه حاليا الاسلاميين كدعاية للاقتصاد الاسلامي والترويج له كبديل للرأسمالية بعد فشلها الاخير انما يدل على كذبة جديدة وافتراء من قبل هذه المنظمات الدينية. فالاقتصاد الاسلامي ما هو الا نظام رأسمالي ولكن بلحية سوداء طويلة. ونود ان نذكر عشاق هذه الجماعات ان البنوك والشركات الاستثمارية الاسلامية حول العالم لم تنجو من الازمة الاخيرة وما جنب,الى حد ما, البنوك والشركات الاستثمارية في الخليج من الازمة هو وجود النفط وبقاء ارتفاع اسعار العقار في المنطقة, وليس لأسلاميته.